مأرب.. محطة عبور المهاجرين الافارقة إلى السعودية

مأرب.. محطة عبور المهاجرين الافارقة إلى السعودية
مأرب.. محطة عبور المهاجرين الافارقة إلى السعودية

حافظ الهياجم – مأرب

تشير دراسات دولية إلى أن اليمن هي أكثر طرق الهجرة الدولية ازدحاما في العالم بسبب قربها من دول القرن الأفريقي، وتلك الدول بطبيعة الحال يعاني بعضها من نزاعات عرقية، وحروب، وأوضاع اقتصادية صعبة ما يدفع الكثير من أبنائها للهجرة إلى اليمن كمحطة عبور إلى دول الخليج وفي بعض الحالات للاستقرار فيها.

وكثير من هؤلاء المهاجرين الأفارقة القادمين إلى اليمن قرر التوجه نحو محافظة مأرب حيثُ وهي المحافظة التي تعيش استقراراً نسبياً، كما أنها تعتبر طريقاً مؤدياً إلى الحدود اليمنية السعودية من خلال خط مأرب الوديعة، وهذا يشجعهم على الاستقرار فيها للانتقال تالياً إلى دول الخليج.

 

اليمن أكثر طرق الهجرة ازدحاما

في فبراير من العام 2020، قالت الأمم المتحدة في تقريرٍ لها إن اليمن يعد من أكثر طرق الهجرة البحرية ازدحاما في العالم، موضحة أن “حوالي 11,500 شخص سافروا بحرًا، في كل شهر من شهور العام 2019″، من منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن. ويتوزع هؤلاء المهاجرين في عدد من المحافظات اليمنية، منها مأرب التي تستقبل الكثير منهم.

 

معاناة وانتهاكات

يوجد في مأرب عدد من المخيمات الخاصة باللجوء تقوم بإيواء المهاجرين وتقديم الخدمات الأساسية لهم عبر منظمات دولية أبرزها منظمة الهجرة الدولية بالتعاون مع بعض المنظمات المحلية. لكن جزءا كبيرا آخر منهم يعيش في المدينة بعيداً عن مخيمات اللجوء وهؤلاء ينامون على أرصفة الطرقات الرئيسية وبأفنية بعض المساجد أو جوارها ويعتمدون على أجر يومي نظير أعمال مختلفة يقومون بها وفي الغالب لا يتحصلون على أي مساعدات بحسب المصور في مدينة مأرب حمزة القديمي.

في آواخر مايو من العام الجاري نشرت منظمة الهجرة الدولية تقريراً قالت فيه إن 52٪ من المهاجرين الأفارقة في محافظة مأرب بحاجة إلى مساعدات إنسانية ودعم غذائي.

وقالت أنجيلا ويلز مسؤولة الاتصالات في المنظمة الدولية للهجرة-اليمن- أن واحدة من الانتهاكات التي يتعرض لها الأفارقة في اليمن هي أن السبل تقطعت بهم لأشهر في ظروف مزريه في مراكز العبور الحضرية بعدد من المحافظات منها مأرب، دون أي وسيلة للعودة إلى ديارهم ودون الوصول إلى الخدمات الأساسية، وشدة وصول خطر الإصابة بفايروس كوفيد 19.

وأوضحت ويلز لـ”إعلام من أجل المهاجرين”، أن اليمن ليست الوجهة النهائية لكثير من هؤلاء المهاجرين ومع ذلك فهم يتعرضون لمعاناة بالغة التعقيد تتمثل بصعوبة وجود أماكن للإيواء وغياب الخدمات الصحية وشحة توافر فرص العمل.

وأكد الصحفي اليمني المقيم في محافظة مأرب رشاد النواري أنه مؤخراً قام بزيارة إلى مخيم المهاجرين في منطقة الوادي بمأرب والذي يحوي ما يقارب مائة خيمة تضم بعض هؤلاء المهاجرين وأسرهم، مفيداً أن مأرب تمثل بالنسبة لهم محطة عبور للقادمين من السواحل اليمنية مشياً على الأقدام حتى الوصول إلى مأرب لترتيب أوضاعهم والتنسيق مع مهربين يقومون بإيصالهم إلى الحدود السعودية.

ويفيد النواري خلال حديثه لـ”إعلام من أجل المهاجرين”، أن كثير من المهاجرين قام بالإنخراط في العمل بالمزارع، والعمل في بعض المحلات الأخرى بالأجر اليومي، مضيفاً أن عدد كبير منهم يعانون وضع شديد الصعوبة وينامون على الشوارع.

وتابع حديثه بأن المخيم الخاص بالمهاجرين المتواجد في منطقة الوادي القريبة من مدينة مأرب يقع تحت إشراف منظمة الهجرة الدولية.

 وفيما يخص المتواجدين في مدينة مأرب من القادمين حديثاً يؤكد النواري بأنهم يفتقرون حتى لوجبة الطعام. ويصل أعداد المتواجدين في المخيمات إلى جانب القادمين الجدد إلى نحو اربعة ألف مهاجر بحسب المشرف على المخيم الذي قام بزيارته الصحفي رشاد.

وبشأن المساعدات المقدمة لهؤلاء المهاجرين قالت أنجيلا ويلز إن الهجرة الدولية تقدم خدمات إنقاذ للأرواح في نقاط استجابة المهاجرين في جميع أنحاء البلاد وتوفير الرعاية الصحية لهم، إلى جانب مواد الإغاثة والدعم النفسي والاجتماعي.

 

إعلام مضلل

تُثار الكثير من الأسئلة حول استغلال أطراف النزاع للمهاجرين الأفارقة في مخيمات اللجوء والزج بهم بالمواجهات المسلحة في البلاد، وعند التقصي عن قضية استغلال المهاجرين لم يثبت أي تقرير رسمي أو شهود  أي حالة استغلال لهؤلاء الأفارقة من قبل الشرعية اليمنية وخصوصاً في محافظة مأرب التي نسلط الضوء عليها في هذا التقرير، بالمقابل هناك العديد من التقارير الصحفية والشهادات التي وثقت حالات استغلال للمهاجرين من قبل جماعة الحوثي منها ما ورد في موقع “الصومال اليوم “،  الذي نقل في 20 ديسمبر الجاري عن الناشطة الحقوقية الإثيوبية عرفات جبريل قولها إن جماعة الحوثي جندت عشرات المهاجرين الأفارقة للقتال في صفوفها، ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

وأكدت الناشطة جبريل إن عشرات القتلى والجرحى من اللاجئين والمهاجرين الإثيوبيين الذين كانوا مع الحوثيين سقطوا في جبهتي مأرب والجوف خلال شهر ديسمبر.

وأفادت عرفات جبريل لمنصة “إعلام من أجل المهاجرين” أنها لم تجد ما يثبت تورط الشرعية في مأرب باستغلال المهاجرين ولم تصلها أي شكوى عن هذا الأمر على الإطلاق فيما العشرات من شكاوى المهاجرين تصل إليها ضد الحوثيين، كما تشدد على أن هذا ليس نفياً قاطعاً ولكنها إلى هذه اللحظة لم تجد أي إثبات يمكن الجزم به.

وخلال حديث الأستاذ توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات لمنصة ” إعلام من أجل المهاجرين” أكد أن هناك استغلال كبير وواضح للمهاجريين من قبل جماعة الحوثي عبر إقحامهم في معاركها لتعويض نقص وضعف التحشيد الذي تعاني منه.

وفيما يخص الإعلام الذي يحاول التضليل في نشر معلومات تخص المهاجرين فإن جماعة الحوثي دفعت ببعض ناشطيها لمحاولات تبرير حادثة الحريق التي تعرض لها المهاجرين الأفارقة في صنعاء تحت ذريعة أن هؤلاء يشتبه بأنهم مجندون من قبل دول التحالف لتنفيذ أعمال عدائية في صنعاء، بحسب ما أفاد الصحفي اليمني أسامة الشرعبي.

 

سلطات مأرب

رغم الأوضاع الصعبة التي تعيشها محافظة مأرب في ظل الحرب إلا أن سلطاتها تحاول أن تقدم مساعدات محدودة للمهاجرين لا سيما وأنها تؤكد أنها لا تتلقى أي دعم من المنظمات المعنية نظير ذلك، بحسب الصحفي رشاد النواري.

وتقدم بعض مستشفيات مأرب الخدمات الصحية لكثير من الأفارقة بشكل مجاني بتوجيه من السلطات، وذلك بحسب شهادة فتحي الأصبحي دكتور ممرض بمستشفى الحياة في مدينة مأرب لـ”إعلام من أجل المهاجرين”.

كما أعلنت السلطة المحلية بمأرب مطلع العام الجاري أنها وظفت 650 مهاجرا أثيوبياً في صندوق النظافة والتحسين يتم دفع مرتباتهم بشكل شهري بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية والصليب الأحمر.

 

ايجابيات في طريق المهاجرين

على أن طريق الهجرة محفوف بجميع صنوف المخاطر والمخاوف والانتهاكات إلا أن هناك جانب إيجابي بسيط في مأرب ينقله المصور اليمني حارث المعلمي لـ”إعلام من أجل المهاجرين ” وهو أن هناك رجال خير في المدينة يقومون بالتعاقد مع بعض المطاعم لتقديم وجبتي الإفطار والعشاء للمهاجرين المتواجدين في المدينة.

بالإضافة إلى تسهيل المجتمع لهم بشكل محدود بالإنخراط ببعض الأعمال المحدودة والتكسب منها.

ويتابع المعلمي أن كثير من الأفارقة أكدوا أن ما يميز تواجدهم في محافظة مأرب طبيعة الناس الطيبة والمتسامحة.

 

الانتهاكات العامة

يروي كلاً من أنجيلا ويلز والنواري والقديمي ما تكرره تقارير دولية ومحلية كثيرة من تعرض المهاجرين لانتهاكات جسيمة مثل المتاجرة والرق والاختطاف مقابل طلب فدية مالية تستعصي على كثير منهم، بالإضافة الى وجود حالات قتل واغتصاب للنساء جميعها يتعرض لها هؤلاء المهاجرين في مناطق  الساحل اليمني من عصابات يمنية أثيوبية وخصوصا منطقة رأس العارة الشهيرة في ظل غياب حكومي كبيرعن الالتفات لهذه المأساة البالغة الوصف.

 

تنشر هذه المادة بالتوازي مع منصة إعلام من أجل المهاجرين